فهو لغيرها يقيناً أضيعا
ألا ترى الفسطاط يا ذا عندما
عموده يسقط منه انهدما
كذلك لم يثبت بناء الباني
بعد انهدام أعظم الأركان
فهي عمود الدين فاحفظْنها
فإنَّ أوّل السؤال عنها
إن قُبلَت يُقبل سائرُ العمل
أو لا فيا صفقة خسر لم تَقِل
إن هناك طوائف كثيرة من الصائمين قد أضاعت صلاة الجماعة في رمضان وقبله ، ولم يتّعظوا وينزجروا بمجيء رمضان، ولعل هؤلاء كان رمضان حملاً ثقيلاً عليهم ، إذ سرورهم برمضان وفرحهم به ، يقضي بأن يصلحوا أحوالهم ويتوبوا إلى ربهم من كل خلل وتقصير ، ومن ذاك المحافظة على الصلاة في الجماعة .
وفئة من هؤلاء لا يشهد سوى المغرب والصبح ، فأما المغرب فِلتزامنها مع الإفطار ، لذا تجد أكثر أهل الحيّ يخرجون إليها ، أما الصبح فلأنهم ساهرون سامرون على لهوهم ولغوهم ، والله المستعان!.
ثالثاً ـ الإفراط في المطعومات والمشروبات :
إن مِن فرح كثير من الناس في هذه الأزمان برمضان يجعلهم يستقبلونه بفيضٍ من الطعام والشراب ويبالغون في ذلك ، حتى كأن رمضان موسم تفنّن في المآكل والمشارب وجمع وادخار لها .
﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف : 31] ، لهذا يجب على الإخوة الصائمين الاعتدال في ذلك وعدم الإسراف والمبالغة في الطعام والشراب الذي قد يؤدي إلى تضييع واجب أو ضرر بالروح والجسد .
وليتذكّر هؤلاء المسرفون وهم يبذلون جلّ أموالهم في بطونهم، أن في الساحة فقراء ومساكين لا يجدون ما يسد رمقهم ولا يقيم أصلابهم .
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء : 1] .
رابعاً ـ التساهل والانصراف عن هذا الشهر العظيم :
يُلحظ على فئامٍ من الناس عدم إجلالهم وإكبارهم لرمضان ، وهذا شيء عجيب وخطير ، لأن المؤمنين الصادقين هم مَن يُجلّ رمضان ويقدره حق قدره ، ولا ينسى فضله وأهميته ، وهؤلاء المساكين كأنهم لم يعرفوا فضله وثوابه ولم يروا الأمّة فِرحَة باستقباله ، فتراهم ليس لهم في رمضان إلا الإمساك فحسب ، وغالب أوقاتهم صدود وبرود ، بل ربما فتح بعضهم لنفسه باب نزهة أو مشروع أو إنهاء عمل وشغل ، حتى ينقضي رمضان فيبوء بالخسارة والندامة . قال صلى الله عليه وسلم : (رغِمَ أنف رجل أدركه رمضان ثم انسلخَ فلم يُغفر له) (الترمذي (3545) ، وابن خزيمة (1888) ، والحاكم (1/549) .).