فقال رجل منهم: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "من تاب قبل موته بنصف يوم تاب اللَّه عليه". قل قلت أنت سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول؟ قال نعم، فقال رجل آخر سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "من تاب قبل الغرغرة تاب اللَّه عليه" عن محمد بن مطرف قال: قال اللَّه تعالى "ويح ابن آدم يذنب الذنب فيستغفرني فاغفر له ثم يعود فيستغفرني فاغفر له، ويحه لا هو يترك ذنبه ولا ييأس من رحمتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له" عن الأعمش عن رجل عن مغيث بن سميّ قال: كان
رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي فبينما هو يسير ذات يوم إذ تفكر فيما سلف فقال: اللهم غفرانك ثلاث مرات فأدركه الموت على تلك الحالة فغفر اللَّه له. وروى محمد ابن عجلان عن مكحول قال: بلغني أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما عرج به إلى ملكوت السموات أبصر بداً يزني فدعا عليه فأهلكه اللَّه تعالى، ثم رأى عبداً يسرق فدعا عليه فأهلكه اللَّه تعالى، فقال اللَّه تعالى "يا إبراهيم دع عنك عبادي، فإن عبدي بين ثلاث خصال بين أن يتوب فأتوب عليه، وبين أن أستخرج له ذرية تعبدني، وبين أن يغلب عليه الشقاء فمن ورائه جهنم".
في هذا الخبر دليل على أن العبد إذا تاب فبل اللَّه توبته فلا ينبغي للعبد أن ييأس من رحمة اللَّه تعالى فإن اللَّه تعالى قال {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّه إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ} يعني من رحمة اللَّه تعالى، وقال في آية أخرى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ} فينبغي للعاقل أن يتوب إلى اللَّه في كل وقت ولا يكون مصراً على الذنب فإن الراجع عن ذنبه لا يكون مصراً وإن عاد في اليوم سبعين مرة، كما روى عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" وروي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "والله إني لأتوب إلى اللَّه تعالى في اليوم مائة مرة" وروي عن علي ابن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أنه قال: كنت إذا سمعت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شيئاً نفعني اللَّه به ما شاء اللَّه وإذا حدثني غيره حلفته فإن حلف صدقته. وحدثني أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "وما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين وسيستغفر اللَّه إلاّ غفر اللَّه له، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّه يَجِدْ اللَّه غَفُوراً رَحِيماً}" وفي رواية "تلا هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّه فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّه وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} وروى الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لما اللَّه عز وجل إبليس عليه اللعنة قال بعزتك وعظمتك إني لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده،